وقفة في يوم الحجاب العالمي
د. نهى قاطرجي
بسم الله الرحمن الرحيم
جرت العادة أن تكون منظمة الأمم المتحدة هي التي تطلق التسميات على الأيام والسنوات التي يحتفل بها في العالم مثل "اليوم العالمي للطفل" ، "اليوم العالم العالمي للعنف الأسري" ، "السنة الدولية للمرأة" وغير ذلك من الأيام والسنوات التي يحتفل بها الناس في كل أنحاء العالم، ولكن بما أن الحجاب هو من الأمور المناهضة للفكر العلماني كان من المستحيل أن يكون له هذا الامتياز الذي لغيره، إلى أن قررت المسلمة البنغالية "ناظمة خان" التي تعيش في نيويورك وترتدي الحجاب أن تبتكر فكرة " اليوم العالمي للحجاب " في العام 2013 م. في محاولة منها لتشجيع النساء المسلمات وغير المسلمات على ارتداء الحجاب وخوض تجربة الحجاب ليوم واحد. وبعد ذلك اعترف بهذا اليوم العالمي رسمياً في في ولاية نيويورك في العام 2017 م.، وفي عام م.2021 وافق مجلس النواب الفلبيني على أن يكون الأول من فبراير "اليوم الوطني السنوي للحجاب" لتعزيز فهم التقاليد الإسلامية .
يتعرض الحجاب منذ فترة طويل لهجمة شرسة من الداخل والخارج بغية التقليل من شأنه ووصف المرأة التي ترتديه بالتخلف والهمجية، وتمارس كل أنواع العنصرية ضد المرأة المسلمة المحجبة في العالم . إن هذه العنصرية لا تقتصر على الحوادث الفردية التي تعاني منها المحجبة يومياً عبر رفض دخولها بالحجاب إلى المدرسة، أو رفض تخصصها في مجالات معينة، او اقفال أبواب العمل في وجهها، أو الاستهزاء بها وبحجابها وغير ذلك من المشاهد التي تكاد تكون من الأمور المألوفة بالنسبة للمراة المحجبة . بل إن هذه العنصرية أصبحت مبرمجة ومنظمة من قبل الدول والمنظمات والأفراد الذين لا يستحون أن يمارسوا أقصى انواع الظلم تجاه المرأة المحجبة عن طريق وضع القوانين التي تمنعها من التعلم أو العمل أو ممارسة أي حق من الحقوق التي تتمتع بها المرأة السافرة. وهذا الأمر لا يقتصر على الدول الغربية فقط بل حتى في بعض الدول الإسلامية تمنع المرأة من ذلك، ففي مصر مثلا ذكرت إحدى القنوات الفضائية أن بعض المطاعم والفنادق المصرية أصدرت قراراً بمنع المحجبات من الدخول إليها، وقد أيّدت هذا القرار فئة كبيرة من أهل المال والفكر وأصحاب المشاريع السياحية والملاهي.
إن هذه النظرة الدونية إلى المرأة المحجبة تطال كل فئات المجتمع ، فالحجاب عند البعض هو رمز للفقر والجهل أو القهر، والمرأة المحجبة بنظر كثير من المسلمين وغير المسلمين مسلوبة القرار والإرادة، فهي ملزمة على ارتداء الحجاب من قبل ولي أمرها، أو هي ضحية لعادات وتقاليد بالية تمنعها من الاختيار بين السفور والحجاب. كل شيء إلا أن تكون المرأة حرة في أن تختار الحجاب طاعة لربها وسعية لمرضاته .
إن هذه الرؤية المشوهة للحجاب انعكست على هيئة الحجاب وشكله، فنرى كثير من النسوة ، وخاصة من الطبقة المخملية يضعن نوع من أنواع القماش يلفونه فوق رؤوسهن وهو ما يعرف بالـ "توربان" وهو أشبه بالقبعة التي يضعها الهنود على رؤوءسهم. وتعتقد هؤلاء النسوة انهن بذلك يحافظن على أناقتهن ويلتزمن في الوقت نفسه بالحجاب كفريضة إسلامية . وهن أبعد ما يكن عن الحجاب وعن شروطه التي أوضحها الله عز وجل بالآية الكريمة " ... ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾ [ سورة النور / الآيو 31] .
وهذا النوع من اللباس الذي يرتكز على الموضة نجد نوعاً آخر منه منتشراً للأسف عند كثير من الفتيات المحجبات ، وخاصة الصغيرات في السن ، اللواتي يتهاونن بارتداء الثياب الضيقة التي تكشف عورتهن، ويتبرجن تبرجاً كاملاً ، ويتصرفن تصرفات مخجلة تجعلهن أضحوكة للقريب قبل الغريب . وهذا الأمر أكثر ما نلمسه عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أساءت فيها المرأة المحجبة إلى نفسها قبل أن تسيء إلى دينها وإلى الحجاب الذي تمثله .
لذلك لا بد من الاستفادة من هذه المناسبة من أجل العمل على تصحيح المفاهيم حول الحجاب الذي أوضحته الآية الكريمة : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [ سورة الأحزاب / الآية 59 ] . و كذلك من أجل حث المرأة المسلمة المحجبة على التمسك بحجابها والدفاع عنه .
اعداد الصفحة للطباعة
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.نهى قاطرجي
مـقـالات عامةمـقـالات نسائيةمـقـالات موسميةمـقـالات الأمةالمكتبةالقصةالصفحة الرئيسيةملتقى الداعياتللنساء فقط