*
فاجعة الهدم*
تقع مقبرة "البقيع الغرقد" في المدينة المنورة قرب المسجد النبوي ومرقد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله،
وتضم مرقد الإمام الحسن المجتبى، الإمام علي السجاد، الإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهم السلام، وقد كانت هذه المراقد الشريفة كلها تحت قبة واحدة، مليئة بالعظمة وفيها من بركات ونفحات الجنان ما يفيض على الأمة الإسلامية والعالم أجمع!
وفي العام ١٨٠٥م/١٢٢٠هـ حصلت الفاجعة، إذ حاصر الوهابيون المدينة المنورة(١)، وبعثوا إلى أهلها بدخولها، فأبوا ذلك، فحملوا عليهم مرارًا حتى دخلوها واستباحوها واحتلوها وقتلوا الكثير من أهلها، وبعد ذلك أمر ملكهم بإحضار خدم المسجد النبوي - وكانوا من السودان -
فأمر بضربهم وسجنهم وتعذيبهم، حتى أخبروه عن مكان خزائن النبي صلى الله عليه وآله، فأخذ كل ما فيها، وقد كان بداخلها إرث للرسول الكريم وغنائم للمسلمين بعد انتصاراتهم في العديد من الحروب والفتوحات الإسلامية ...
سلب الوهابيون نقودًا لا تعد وتحصى، سرقوا قناديل الذهب وجواهر عديدة منها؛ تاج كسرى أنو شروان الذي حصل عليه المسلمون عندما فُتحت المدائن، سيف هارون،
عقدٌ لزبيدة بنت مروان مع الكثير من التحف الغريبة والثمينة التي أرسلها سلاطين الهند لتزيين قبة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، وبعد كل هذا توجه إلى منارات أئمتنا عليهم السلام وأمر بهدم تلك القباب المنيرة ومعها قبة عثمان.(٢)
عندما استباح الوهابيون مراقدنا، دنّسوها بأحقادهم وهدموا منارات كانت لنا مزارات، جعلوا أكوام الحجارة محيطة بمراقد أسباط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، إذ أصبحت "البقيع"
مقبرة لا تشبه المدافن: حفر هنا، أكوام من تراب مبعثر هناك ومزابل في الأنحاء - كما وصفها الرحالة بورخارت - (٣)، إذ حرموا بقذارتهم وظلمهم أئمة الهدى عليهم السلام حتى من حجر كبير يوضع على قبورهم يحمل حرفًا أو كتابة ...
*
١. من أخبار الحجاز ونجد ١٠٤*
*
٢. لمع الشهاب ١٨٧*
*
٣. تحفة الحرمين وسعادة الدارين ٢٥٣*